نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا، أعده طارق بانجا، يقول فيه إن التصريحات المباشرة من رئيس الليغا "الدوري الإسباني لكرة القدم" خافيير تيباس، الناقدة للسعودية، جاءت بعد لعب أربعة فرق إسبانية ضمن الدوري في السعودية، في وقت اتهمت فيه بالسماح بالقرصنة على حقوق بث مباريات الليغا.
ويشير التقرير، إلى أنه في بحث الفرق الرياضية الأوروبية المستمر عن طرق للتطوير والحصول على موارد مالية جديدة، فإن فرق الدوري الممتاز الإسبانية "الليغا" تأتي على رأس القائمة، لافتا إلى أنه في خطة كانت من بنات أفكار تيباس وتنفيذه، فإن الليغا رفع العلم الإسباني في أنحاء العالم، وافتتح مكاتب في مدن بعيدة، ليس في نيويورك أو الصين فقط، بل في بلجيكا وسنغافورة وجنوب أفريقيا أيضا؛ في محاولة للحصول على مشجعين جدد ومشاهدين للمباريات ورعاية مالية.
ويفيد بانجا بأن تيباس ذهب إلى المحكمة في الولايات المتحدة، في محاولة منه للحصول على حق تنظيم مباريات الدوري خارج إسبانيا، إلا أنه كان هناك خط أحمر واحد، الذي قال تيباس إنه ليس مستعدا لاختراقه، وهو: يجب على الليغا وفرقه عدم لعب مباريات في السعودية، فبالنسبة له فإن المملكة، التي تحاول إعادة تقديم نفسها بصورة الدولة الحديثة المتسامحة التي يقودها ولي عهد شاب، يجب ألا يسمح لها باستخدام المناسبات الدولية لإخفاء سجلها في حقوق الإنسان.
وتورد الصحيفة نقلا عن تيباس، قوله في تصريحات أمام الصحافيين في لندن عندما افتتح قناة تلفازية بريطانية مخصصة فقط لمباريات الليغا: "تقوم سياسة الحكومة السعودية على تحسين صورتها من خلال الرياضة، وتبييض صورتهم، والكل لديه مسؤولية هناك".
ويجد التقرير أنه لهذا فإنه لم يكن أمامه سوى المراقبة بغضب عندما لعبت الفرق الرياضية الكبرى في الليغا، وهي ريال مدريد وبرشلونة وأتليتكو مدريد وفالنسيا، مباريات في كأس السوبر الإسباني، ولم يكن لدى تيباس أي سلطة على الفرق لمنعها من الذهاب إلى السعودية؛ لأن منظمته الليغا ليس لها دور في كأس السوبر.
ويلفت الكاتب إلى أن هذه المباريات نظمها الاتحاد الملكي الإسباني لكرة القدم، الذي عقد مع السلطات السعودية صفقة بـ120 مليون يورو (133 مليون دولار) لتحويل المباريات من مباراة واحدة إلى بطولة المربع الذهبي، التي تشارك فيها أربعة أندية، مشيرا إلى أن الاتحاد برر هذه الاتفاقية التي يمكن تجديدها، بأنها للحاق بأثر المال، وقال إنه جلب معه الفرق من أجل التمتع أيضا.
وتنقل الصحيفة عن رئيس نادي برشلونة قبل عزله إرنستو فالفيردي، قوله: "خلاصة القول هي أن الرياضة أصبحت تجارة، وعليها، مثل التجارة، البحث عن مصادر دخل.. لهذا السبب نحن هنا" في الرياض.
ويستدرك التقرير بأن تيباس يرى أن اتحاد كرة القدم الإسباني سمح لنفسه ولفرق الليغا بأن يتم استخدامهما فيما وصفه بـ"تبييض السمعة"، مشيرا إلى أنه تم لعب هذه المباريات بعد قيام عملاء سعوديين بقتل وتقطيع جثة الصحافي السعودي جمال خاشقجي في داخل قنصلية السعودية في إسطنبول.
ويورد بانجا عن تيباس، قوله: "علينا ألا ننسى ما حدث.. هذا أمر جدي.. المال ليس هو كل ما يهم".
وتذكر الصحيفة أنه لم يسافر إلى السعودية سوى عدد قليل من المشجعين، فيما رفضت محطات التلفزة التي تقوم عادة ببث المباريات ببثها من السعودية؛ بسبب قلقها حول حقوق الإنسان في المملكة، إلا أن رئيس الاتحاد الإسباني لكرة القدم لويس روبياليس، دافع عن قرار لعب البطولة في المملكة، واصفا إياها بأنها "أداة للتغيير الاجتماعي"؛ لأنه سيمسح للرجال والنساء بالجلوس جنبا إلى جنب في بلد تقيد فيه حرية المرأة، فلم تسمح السعودية للنساء بدخول الملاعب إلا عام 2018، لكنها جلست في أماكن مخصصة لها بعيدة عن الرجال.
وينوه التقرير إلى أن الاتحاد الإسباني ليس هو الوحيد الذي أغراه المال السعودي، فهناك سوابق، ففي السنوات الأخيرة جذب الثراء السعودي إلى جانب فرق كرة القدم، مباريات الملاكمة وسباقات السيارات ومباريات التنس ومناسبات المصارعة الدولية، فيما هناك مباحثات مع المنظمة التي تشرف على مباريات السنوكر.
ويقول الكاتب إن غضب تيباس على الاتحاد الإسباني لكرة القدم ليس مرتبطا فقط بالدخول في لعبة تبييض سمعة السعودية، لكنه مالي أيضا، فهو من أبرز مديري المؤسسات الرياضية الذين انتقدوا بشدة ما يراه أكبر عملية قرصنة رياضية في العالم ومقرها السعودية، مشيرا إلى أن عدة دراسات مستقلة كشفت عن قيام القناة السعودية "بي أوت كيو" بسرقة حقوق الملكية لمباريات رياضية، بما فيها مباريات الليغا التي اشترتها القناة القطرية "بي إن سبورت"، التي لها الحق الحصري في بثها في المنطقة.
وتبين الصحيفة أنه في الوقت الذي تواصل فيه السعودية إنكار عمل القناة من أراضيها، فإن منظمات مثل الليغا والدوري الإنجليزي الممتاز وكأس الأمم الأوروبية (يويفيا) واتحاد الكرة الدولي (فيفا)، تجد صعوبة لمواجهة المملكة قانونيا؛ لأن المحامين السعوديين رفضوا التعامل مع القضية.
وينقل التقرير عن تيباس، قوله: "يقومون بسرقة الإشارات وهناك مؤسسات مرتبطة بالحكومة تقوم بذلك.. هم يدعمون هذه الإجراءات التي تستهدف حق ملكيتنا، والثروة التي يحصلون عليها لا نستطيع الحصول عليها هناك".
ويفيد بانجا بأن المشكلة هي أن المال السعودي بدأ ينتقل إلى إسبانيا وإلى فرق الدرجة الثانية التي تشرف عليها الليغا، فقد اشترى تركي آل الشيخ، المقرب من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في العام الماضي فريقا ألميريا الإسباني، وبدأ تمويل النادي في محاولة منه ليتم ترفيعه إلى نوادي الدرجة الأولى، حيث سيتمكن من المنافسة ضد فرق مثل ريال مدريد وبرشلونة، وهما أكبر فريقين إسبانيين.
وبحسب الصحيفة، فإن تيباس وصف الشيخ بـ"رجل يتمتع بنفوذ مالي كبير"، قائلا إن الليغا لن تسمح لفريق ألميريا بشراء النجاح بالمال، وأشار إلى أن السماح له بالقيام بذلك لا يعد خرقا لتنظيمات تمويل النوادي الإسبانية فقط، بل سيعرضه شخصيا للنقد، خاصة أنه من أكبر الناقدين للمال الذي ينفق على الفرق التي يدعمها المال الخليجي، فلطالما اشتكى من فريق مانشستر سيتي الذي يملكه أحد أفراد العائلة الحاكمة في أبو ظبي، وفريق باريس سان جيرمان الذي تملكه قطر، وأثر المال المستثمر فيهما على عافية الفرق الأوروبية.
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول رئيس نادي ألميريا، المصري محمد العاصي، إن النادي لا يرتبط بالدولة السعودية، وعملية شراء اللاعبين لا ترقى لما ينفقه أي ناد في الدرجة الثانية، علاوة على ما ينفق على مان سيتي أو باريس سان جيرمان.