فلم لا توجد به لا بطولة فردية ولا جماعية ولا موزعة !.. بل هو فلم بلى ابطال بكل ما تملكه الكلمة من معنى ! ..
إذ أنك لن تكره أحد منهم وبالمقابل لن تحبهم لانهم ببساطة جميعهم مجرمون وضحايا في آن واحد وهذا ما خلق بتصوري فجوة بين المشاهد وفيلم يمتد لاكثر من ساعتين حيث كانت محاولة غير محبذة سينمائيا لقول كل شيء .. الفلم يحاول رصد حالة الفوضى العارمة والاحتكام لقانون الغاب بمكان اصطلح عليه بمدينة الله بعد ان لجأ إليه وافدون تجاهلهم المجتمع والدولة وربما السماء نفسها .. إلى أن ظهرت به كل العيوب الاجتماعية وصار هنالك متسع لفرض اي هيمنة تجد بالتعدي أسلوب حياة ..
لو كنت من أبناء مدينة الله فلا يمكنك القفز خارج هذا المستنقع بهذه البساطة في المناطق المحيطة بمدينة الله الذائعة السيط ولن تكون أوفر حظا إذ يكفي ان يعرف احدهم انتمائك لتلك البؤرة وسيتندر منك وينصرف عنك ويتحاشاك ويعرض عن التعامل معك وكأنك جرذ مجارير حتى وان كنت شخصا نزيها يبحث عن الكسب المشروع ليس إلا بعيدا عن الانضمام لاحدى العصابتين اللتين تعوثا فسادا في المدينة ووتتاجر بكل شيء وتستبيح كل حرمة يتخيلها ذهنك.. الفلم مبني على احداث حقيقية لا أخفيكم صدمتي عندما كتب ذلك على الشاشة في النهاية وبالرغم من ذلك لم ينحز السرد للصحفي الذي خرج من كل تلك الفوضى بصباه ببضعة صور ليروي لنا حكاية ذاك المكان وليوثق بها نهاية حقبة العصبتين ونشوء عصبة جديدة على انقاضهما بالمكان ليسدوا ذلك الفراغ الامني الحاصل رغم انهم صبية صغار يبدو المسدس في أيديهم سلاحا ضخما للغاية ..إن الصحفي الذي صنعته الصدفة داخل وخارج مدينة الله ونجى بأعجوبة من ذاك المكان المحكوم بردود الأفعال والعبث والاحتقانات لم يكن نصيبه من البطولة الفلمية سوى صوت الراوي وبعض المشاهد المتفرقة هنا وهناك ولولا ظهوره بالمشهد الافتتاحي والنهائي تكاد لا تلحظه ضمن ذاك الزحام بين فكي رحى الاحداث المتشابكة ..
_ما يستوقفك حقا في هذا الفلم كم العفوية الموجود بأداء الممثلين رغم انهم بغالبيتهم اطفال ومراهقين ويافعين باعدادهم الكبيرة تلك .. نحن نتكلم عن جو غارق بالعنف والقهر والاجرام والبذاءة والرغبة بالانتقام ولسنا نتكلم عن مجموعة صبية يلهون في حديقة ويمارسون ما يجيدونه فحسب ! .. وسيبقى السؤال حول كيفية تمكن المخرج من القيام بذلك أمام تلك المعطيات لغزا محيرا ! ..
بقلم السينارست محمد شاميه